إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِيْنُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

المعية والجمع بينها وبين العلو :



المعية لغة ً : المقارنة والمصاحبة . ودليل ثبوت المعية لله قوله تعالى:(وَهُوَ مَعَكُمْ أين مَا كُنْتُمْ )(الحديد: الاية4) . وتنقسم إلى قسمين : عامة وخاصة .
فالعامة هي : الشاملة لجميع الخلق كقوله تعالى: :(وَهُوَ مَعَكُمْ أين مَا كُنْتُمْ ). ومقتضى المعية هنا الإحاطة بالخلق علماً وقدرة ً وسلطاناً وتدبيراً .
والخاصة هي:
التي تختص بالرسل وأتباعهم كقوله تعالى : ( لا تَحْزَنْ أن اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: الاية40) . وقوله:(إن اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128) . وهذه المعية تقتضي مع  الإحاطة النصر والتأييد .
والجمع بين المعية والعلو وجهين :
أولا ً : أنه لا منافاة بينهما في الواقع ، فقد يجتمعان في شيء واحد ، ولذلك تقول : ما زلنا نسير والقمر معنا مع أنه في السماء .
الثاني : أنه لو فرض أن بينهما منافاة في حق المخلوق لم يلزم أن يكون بينهما منافاة في حق الخالق ؛ لأنه ليس كمثله شيء وهو بكل شيء محيط .
ولا يصح تفسير معية الله بكونه معنا بذاته في المكان .
أولا : لأنه مستحيل على الله حيث ينافي علوه ، وعلوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها .
ثانيا : أنه خلاف ما فسرها به السلف .
ثالثا : أنه يلزم على هذا التفسير لوازم باطلة .
معنى كون الله في السماء :
          معناه على السماء أي فوقها ، فـ (في) بمعنى ( على ) كما جاءت بهذا المعنى في قوله تعالى:(قُلْ سِيرُوا فِي الأرض)(الأنعام: الاية11). أي عليها ، ويجوز أن تكون (في)  للظرفية فالسماء على هذا بمعنى العلو ، فيكون المعنى أن الله في العلو ، وقد جاء السماء بمعنى العلو في قوله تعالى :(انزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاء)(الرعد: الاية17)
ولا يصح أن تكون (في ) للظرفية إذا كان المراد بالسماء الأجرام المحسوسة ؛ لأن ذلك يوهم أن السماء تحيط بالله ، وهذا معنى باطل ؛ لأن الله أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق