إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِيْنُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

تبشير الكافر بالنار عند المرور بقبره

عن عامر بن سعد عن أبيه قال :
جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : إن أبي كان يصل الرحمَ ، وكان , وكان ؛ فأين هو ؟ قال : " في النار " . فكأن الأعرابيَّ وجَدَ من ذلك . فقال : يا رسول الله ! فأين أبوك ؟ قال : " حيثما مررتَ بقبر كافر ؛ فبشرْه بالنار " ، فأسلم الأعرابي بعدُ ، فقال : لقد كلفني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعبًا : ما مررت بقبر كافر ؛ إلا بشرتُه بالنار .
قال الإمام الألباني -رحمه الله-:


(( وفي الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه؛ ألا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره ، ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن ، وتذكيره بخطورة جرم هذا الكافر ، حيث ارتكب ذنبا عظيما تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت ، وهو الكفر بالله عز وجل والإشراك به ، الذي أبان الله تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه من المغفرة فقال :
{ إنّ اللهَ لا يغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلكَ لِمَن يَّشاءُ } .
ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- :
" أكبر الكبائر أن تجعلَ لله نِدًّا وقد خلقكَ " [متفق عليه].

وإن الجهل بهذه الفائدة مما أدى ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلافِ ما أراد الشارع الحكيم منها .

فإننا نعلم أن كثيرا من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة ، فلا يكتفون بذلك ، حتى يقصدوا زيارة بعض قبور مَن يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار! ويضعون على قبورهم الأزهار والأكاليل ، ويقفون أمامها خاشعين محزونين ، مما يُشعر برضاهم عنهم ، وعدم مقتِهم إياهم ، مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء -عليهم السلام- تقضي خلافَ ذلك ؛ كما في الحديث الصحيح .
واسمع قول الله عز وجل :
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا} الآية .
هذا موقفهم منهم وهم أحياء ، فكيف وهم أموات !!
وروى البخاري (1/120ـ طبع أوروبا) ، ومسلم (8/221) ، والنسائي في " الكبرى " (6/ 373/11270) ، وابن حبان (6166 ـ 6170) ، والحميدي (رقم 653) ، وعبد الرزاق (6 / 415 / 1625) عن ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم لما مَرَّ بالحجر :
" لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين ؛ إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ؛ فلا تدخلوا عليهم ؛ أن يصيبكم ما أصابهم " [ وتقنع بردائه وهو على الرحل ] )) .
ثم قال -رحمه الله- :
(( وقد ترجم لهذا الحديث صديق خان في " نزل الأبرار " (ص 293) بـ " باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم ، وإظهار الافتقار إلى الله تعالى ، والتحذير من الغفلة عن ذلك " .
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا ، وأن يلهمنا العمل به ؛ إنه سميع مجيب )).
[" السلسلة الصحيحة "، (1/1) برقم (18-19)].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق